بواسطه روضة إبراهيم الإثنين , 16 يونيو 2025 ,9:40 ص
أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية وكيفية تجنبها. تحمل المسؤولية ليس مجرد مهارة، بل هو ركيزة أساسية في تكوين شخصية الطفل وبنائه النفسي والاجتماعي. فالطفل الذي يتعلم الاعتماد على نفسه منذ الصغر، يكون أكثر ثقة بنفسه، وأقدر على اتخاذ قرارات سليمة، ومواجهة تحديات الحياة. لكن كثيرًا ما نرتكب دون قصد أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية، وبدلاً من أن نساعده على النضج، نُرسخ لديه الاتكالية والتردد.
في هذا الموضوع من لهلوبة، سنناقش أبرز هذه الأخطاء، ونقدم حلولًا عملية تساعدك كأب أو أم على تنمية هذه الصفة في طفلك بشكل متوازن وصحي. فتربية طفل مسؤول لا تعني الضغط عليه أو تحميله فوق طاقته، بل تبدأ بخطوات بسيطة مدروسة تُشكل معًا شخصية مستقلة وقادرة.
من أكثر أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية هو التدليل الزائد. حينما يقوم الأهل بكل شيء عن الطفل، من ترتيب غرفته، لحمل حقيبته، أو حتى حل واجباته، فإنهم – دون وعي – يسلبونه فرصة التعلم والمبادرة. الحماية الزائدة تجعل الطفل يشعر بأن الآخرين دائمًا مسؤولون عنه، وأنه لا يملك القدرة على التصرف بمفرده.
الحل يكمن في منح الطفل فرصًا مناسبة لعمره للقيام بمهام يومية بسيطة. مثلاً، يمكن لطفل في الخامسة ترتيب ألعابه بعد اللعب، بينما الطفل الأكبر يمكنه تحضير حقيبته المدرسية بنفسه. لا مانع من مساعدته في البداية، لكن الهدف هو أن يتعلم كيف يعتمد على نفسه تدريجيًا.
من الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء أنهم يستخدمون العقاب وسيلة لترسيخ المسؤولية. فيظنون أن التأنيب أو الصراخ سيجعل الطفل أكثر التزامًا. لكن الحقيقة أن الخوف لا يبني شخصية مسؤولة، بل شخصية خائفة ومترددة. وهنا يتجلى أحد أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية، وهي تربية الطفل على الخوف بدلًا من الوعي.
الأفضل هو استخدام أسلوب التوجيه والتشجيع الإيجابي. على سبيل المثال، إذا نسي الطفل واجبه، بدلًا من توبيخه، يمكن أن تسأله: "كيف يمكننا أن نساعدك على تذكّره في المرة القادمة؟" هذا يفتح بابًا للنقاش ويجعله شريكًا في الحل لا ضحية للعقاب.
المقارنة واحدة من أكثر العوامل المحبطة للأطفال. حين يسمع الطفل عبارات مثل: "شوف أخوك كيف مسؤول!" أو "ليش ما تكون زي ابن خالتك؟"، يبدأ في فقدان ثقته بنفسه، ويشعر بأنه غير كفء مهما حاول. وهذا من أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية لأنه يربط جهوده بتقدير الآخرين وليس بإحساسه الداخلي بالمسؤولية.
بدلاً من المقارنة، استخدم التشجيع الفردي. راقب تقدم طفلك الخاص، واحتفل بأي تحسن يحققه، حتى لو كان بسيطًا. التقدير الفردي يدفعه لمزيد من الاجتهاد، ويغرس فيه شعورًا حقيقيًا بالمسؤولية والنجاح.
من التصرفات التي قد تبدو نابعة من الحب، لكن لها تأثير عكسي، أن يتدخل الوالدان لحل مشاكل الطفل بدلًا منه. مثلًا، إذا تشاجر مع صديق، أو نسي شيئًا مهمًا، فإن الأم أو الأب يسارعان لحل الموقف نيابة عنه، وهذا من أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية.
الطفل يحتاج أن يخطئ ليتعلم. هذه الأخطاء جزء من نموه. لذلك، بدلًا من التدخل، ساعده على التفكير في الحلول الممكنة، ودعه يواجه نتائج قراراته. إذا نسي وجبة الإفطار مثلًا، لن يصيبه شيء إذا شعر بالجوع. هذه التجربة تعلمه أن يخطط ليومه في المرات القادمة.
أحيانًا، يطلب الأهل من الطفل أن يتصرف كالكبار، ويتوقعون منه أن يتحمل مسؤوليات تفوق عمره. هذا من أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية لأنه يشعره بالإرهاق والضغط، مما قد يدفعه إلى التمرد أو الانسحاب.
المفتاح هو التوازن. حدّد مهامًا ومسؤوليات تتناسب مع عمر الطفل وقدراته. على سبيل المثال، لا يمكن لطفل في السادسة أن يعتني بأخيه الرضيع، لكن يمكنه المساعدة في ترتيب سريره أو وضع ملابسه المتسخة في السلة. اجعل المسؤولية تدريجية وتقدمية، حتى لا تصبح عبئًا بدلًا من كونها تدريبًا.
ختامًا، غرس قيمة تحمل المسؤولية في الطفل لا يأتي بين ليلة وضحاها، بل هو رحلة تبدأ من البيت وتستمر مع كل تجربة يمر بها. أهم ما يجب أن تتذكره هو أن الطفل بحاجة إلى نموذج يقتدي به، وحدود واضحة يعرف من خلالها دوره، وأخطاء يُسمح له أن يتعلم منها.
عندما تتجنب أخطاء شائعة تعيق تعلم الطفل تحمل المسؤولية، فإنك تفتح أمامه بابًا للنمو والاستقلال. لا تنتظر من الطفل أن يكون مثاليًا، لكن ساعده على أن يكون نسخة أفضل من نفسه، يومًا بعد يوم. فالمسؤولية ليست واجبًا فقط، بل هي طريق لبناء شخصية متزنة قادرة على اتخاذ قراراتها وتحمل نتائجها بثقة.
443 مشاهده
428 مشاهده