من الكسل إلى النشاط.. كيف تتغلب على كره التمارين؟

بواسطه روضة إبراهيم الإثنين , 14 إبريل 2025 ,10:20 ص

كيف تتغلب على كره التمارين؟


كيف تتغلب على كره التمارين؟ ربما لا يُعدّ كره التمارين الرياضية أمرًا غريبًا، فالكثير من الناس يشعرون بالنفور من فكرة التعرّق، بذل الجهد، أو حتى مجرد تخصيص وقت في يوم مزدحم لممارسة الرياضة. نردد عبارات مثل "لا أحب التمارين"، "ليست من طبيعتي"، أو "أشعر بالإرهاق لمجرد التفكير فيها"، ولكن هل هذه العبارات تعبّر عن حقيقتنا، أم عن تجربة سلبية شكّلت علاقتنا بالرياضة؟

في الواقع، كره التمارين لا يعني الكسل بالضرورة، بل يعكس غالبًا سلسلة من المعتقدات والعادات والمشاعر المرتبطة بالحركة الجسدية. فربما مررنا بتجارب محرجة أثناء طفولتنا، أو فشلنا في الالتزام بخطط صارمة، أو تعرضنا لنقد جعلنا نخجل من أجسامنا. هذه الأمور قد تزرع بداخلنا نفورًا مستترًا يجعلنا نرفض التمارين من دون أن ندرك السبب الحقيقي.

إلا أن الجسد البشري خُلق ليكون نشيطًا. الحركة ليست فقط لتحسين الشكل، بل للصحة العقلية، ولرفع الطاقة، وتحسين المزاج، وحتى للثقة بالنفس. ومن هنا تأتي أهمية إعادة تعريف مفهوم التمارين، لا كواجب ثقيل، بل كطريقة للعناية بالنفس، والاستمتاع باللحظة، والاحتفال بقدرات الجسد.

في هذا الدليل من لهلوبة، سنأخذك خطوة بخطوة في رحلة التحوّل من كره التمارين إلى حب النشاط، ليس عبر الضغط والإجبار، بل عبر الفهم والتدرج والتحفيز الذاتي. فهل أنت مستعد لأن تبدأ فصلًا جديدًا مع جسدك؟ إذًا، فلنبدأ معًا.

 

لماذا نكره التمارين؟ فهم الأسباب النفسية والبدنية

كره التمارين لا يأتي من فراغ. إنه غالبًا نتيجة تراكمات نفسية وتجارب شخصية شكلت نظرتنا تجاه النشاط البدني. البعض يربط التمارين بالإجهاد أو الألم أو حتى بالإحراج. وربما سمع عبارات سلبية مثل "أنت لا تصلح للرياضة"، أو "لن تستطيع الاستمرار"، فأصبحت تلك العبارات تعيش في خلفية العقل، تمنعه من المحاولة.

جانب آخر مهم هو الصورة النمطية عن التمارين. كثيرون يظنون أن التمرين يجب أن يكون في نادٍ رياضي، وأنه يجب أن يكون مكثفًا وشاقًا، وإلا فهو غير مجدٍ. هذه النظرة المتطرفة تجعل من الرياضة عبئًا نفسيًا وجسديًا.

أحيانًا، يكون السبب جسديًا بحتًا. ضعف اللياقة، مشاكل في الوزن أو المفاصل، أو حتى الشعور بضيق النفس قد يجعل من التمرين تجربة غير مريحة. ومع التكرار، تتكوّن حالة من النفور الطبيعي من الحركة.

من المهم أن ندرك أن هذه المشاعر طبيعية ومفهومة، لكنها لا تعني أن التمارين لا تناسبنا. بل تعني أننا بحاجة لتجربة مختلفة، مناسبة، ومرنة، تُراعي خصوصيتنا وتُراعي احتياجاتنا النفسية والجسدية.

 

الفرق بين الكسل الحقيقي وقلة التحفيز

كثير من الناس يصفون أنفسهم بالكسل، لكن في الحقيقة، ما يشعرون به هو غياب التحفيز أو وجود عوائق تمنعهم من البدء. الكسل الحقيقي نادر، أما قلة الدافع فشائعة ويمكن علاجها.

لنفترض أنك متحمس لفيلم أو لرحلة مع الأصدقاء، تجد نفسك تنهض وتستعد بكل حيوية، أليس كذلك؟ هذا يعني أن لديك طاقة، ولكن ما تفتقده هو السبب الذي يُشعل تلك الطاقة عند التفكير في التمرين.

في بعض الأحيان، يكون السبب هو الإرهاق الناتج عن يوم عمل طويل، أو قلة النوم، أو سوء التغذية. هذه العوامل تسرق منك الطاقة والرغبة في بذل أي مجهود، وتُشعرك بأنك "كسول"، بينما الحقيقة أنك مرهق فقط.

كذلك، حين لا ترى نتائج ملموسة بسرعة، تفقد الحافز وتستسلم سريعًا. لذلك من المهم أن تضع أهدافًا صغيرة وسهلة التحقيق، تشعرك بالإنجاز وتدفعك للاستمرار.

الفرق بين الكسل وقلة التحفيز هو في النظرة لنفسك. بدلاً من أن تقول "أنا كسول"، قل "أحتاج لتحفيز حقيقي"، أو "أحتاج لطريقة مختلفة أستمتع بها بالحركة". بهذه الطريقة، تعيد توجيه طاقتك نحو الحل لا نحو اللوم.

 

كيف تؤثر التجارب السلبية السابقة على نظرتنا للرياضة؟

  •  التجارب المدرسية والحرج الاجتماعي:

الكثيرون يحملون معهم ذكريات سيئة من حصص التربية البدنية في المدرسة. ربما تم اختيارهم آخرًا في الفريق، أو سخر منهم زملاؤهم لأنهم لا يستطيعون القفز أو الركض كغيرهم. تلك اللحظات التي بدت عابرة آنذاك، تركت أثرًا طويل المدى في علاقة الشخص بجسده وبالرياضة.

الشعور بالحرج أو العجز في الصغر قد يتحول إلى مقاومة لا شعورية للتمارين في الكبر. الجسم يتذكر، والعقل يربط التجربة كلها بشيء سلبي.

 

  •  عقدة المقارنة بالآخرين:

من أكثر الأسباب التي تجعلنا نكره التمارين هو أننا نقارن أنفسنا بالآخرين. نرى أصدقاءنا أو الرياضيين على السوشيال ميديا، ونشعر أننا لا نرقى لمستواهم. نحبط، وننسحب.

لكن الحقيقة أن لكل شخص مساره المختلف، وأن المقارنة تقتل الحماس. الأهم من مقارنة نفسك بالآخرين، هو مقارنة نفسك بأمسك. هل تحركت اليوم أكثر من البارحة؟ ممتاز، هذا تقدم.

الفكرة الأساسية هنا هي أن التمارين ليست حلبة للمنافسة، بل مساحة شخصية للعناية بالنفس. لا تجعل تجاربك الماضية أو صور الآخرين تحدد مستقبلك الرياضي.

 

 تغيير النظرة الذهنية تجاه التمارين الرياضية

  •  من "عقاب" إلى "عناية بالنفس":

كثيرون يرون التمارين كنوع من العقاب: "أكلت كثير؟ لازم أتمرن"، "أصبحت بدينًا؟ يجب أن أتعب"، هذه العقلية تجعل التمارين عبئًا لا يُطاق. لكنها نظرة خاطئة تمامًا.

الرياضة ليست عقوبة، بل طريقة للتصالح مع الجسد، لتقوية الذات، ولتحسين المزاج. حين تبدأ برؤية التمرين كوقت خاص بك، كاستراحة من هموم الحياة، سيتغير كل شيء.

 

  •  اختيار النشاطات التي تمنحك شعورًا جيدًا:

لا أحد قال إن التمرين يجب أن يكون في نادٍ أو يتضمن أوزانًا ثقيلة. هل تحب الرقص؟ المشي في الحديقة؟ ركوب الدراجة؟ اليوغا؟ كلها تمارين. المهم أن تختار نشاطًا يفرحك، لا يُرهقك نفسيًا.

التغيير يبدأ من رأسك، من الصورة التي ترسمها في ذهنك عن التمارين. حين تراها كلحظة متعة بدلاً من مهمة شاقة، يبدأ الجسد في تقبّلها بسهولة، وتبدأ العادة في التكوّن.


قولى رأيك

تابعنا علي فيسبوك